Call Me 123-456-7890
حظر الممارسات الاستغلالية
The Prohibition of Abusive Practices
مقدمة
اصدرت محكمة العدل يوم 29 يولية 2024 قرارها فى دعوى احالة لحكم تمهيدى حركها مجلس الدولة البلجيكى فى اطار نزاع بين مواطنة كاميرونية رفضت السلطات البلجيكية منحها تأشيرة دخول واقامة للدراسة فى البلاد بناء على طلب تقدمت به وفق الاجراءات القانونية البلجيكية، وذلك على اعتبار عدم صدق نيتها فى الدراسة وانما استهدافها اغراض اخرى من وراء الاقامة فى بلجيكا. ويكتسب الحكم اهمية نظرا لما يلقيه من ضوء حول موضوع "المبادئ العامة لقانون الاتحاد الاوروبى" وتطبيقها.
تمحورت الدعوى حول طلب الجانب البلجيكى تفسير من المحكمة حول توجيه للاتحاد[1] خاص بشروط دخول واقامة موطنى دول ثالثة الى دولة عضو بالاتحاد بغرض اجراء ابحاث، الدراسة، التدريب، الخدمات التطوعية، التبادل الطلابى او المشروعات العلمية [2].
الغرض من التوجيه المذكور علاج ثغراب القوانين السابقة وضمان الشفافية واليقين القانونى وتبسيط والاسراع فى الاجراءات والمساهمة فى التقريب بين القوانين الوطنية للدول الاعضاء و دعم مكانة اوروبا كمركز عالمى للدراسات والابحاث. ويتضمن التوجيه فى نفس الوقت انه و فى حالة وجود شكوك تتعلق بأسس طلب التأشيرة والاقامة، تستطيع الدول وفق كل حالة بعينها اجراء مراجعات وطلب ادلة واستيضاح غرض مقدم الطلب و محاربة استغلال و سوء استخدام الاجراءات التى يضعها التوجيه.
تم خلال نظر الدعوى فى بلجيكا التركيز على ان قانون البلاد المعنى بطلبت التأشيرات والاقامة من مواطنى دول ثالثة بغرض الدراسات العليا ينص على الزامية الموافقة على الطلب لدى استيتفاء المستندات المطلوبة وان محكمة اللجوء والهجرة تختص بنظر المنازعات فى هذا الشأن.
الموضوع:
تقدمت مواطنة كاميرونية بطلب للحصول على تأشيرة دخول وفق القانون البلجيكى بغرض الدراســـــــــــــــــة و رفض الطالب على اعتبار وجود تناقضات فى الخطط الدراسية لصاحبة الطلب وعدم وجود نية صادقة للدراسة، و تظلمت المواطنة المعنية من هذا القرار امام المحكمة المختصة ورفض تظلمها ايضا. وانتهى الامر بقيام مجلس الدولة البلجيكى باحالة دعوى حكم تمهيدى الى محكمة العدل للاتحاد الاوروبى لتفسير بعض مواد التوجيه الاوروبى المعنى، بالرغم من ان بلجيكا لم تتخذ الاجراءات المطلوبة لاستيعاب وتضمين التوجيه فى القانون الوطنى، مركزا على ان التوجيه يتيح رفض الطلب اذا ما تم التأكد من ان الغرض الحقيقى ليس الدراسة. واضاف المجلس فى نفس الوقت ان القانون البلجيكى يتيح للسلطات الوطنية التحقق من صدق نية مقدم الطلب والتمتع بسلطة رفض الطلب. وكان من المطروح بالتالى على محكمة العدل بصفة عامة استفسار عما اذا كان عدم استيعاب التوجيه داخل القانون البلجيكى يستبعد قيام دولة عضو برفض طلب تأشيرة للدراسة حين ترى عدم توافر نية صادقة للدراسة.
مواقف اطراف النواع
1- الجانب البلجيكى: تركز موقف الحكومة البلجبكية على انه حتى مع عدم استيعاب التوجيه داخل القانون الوطنى فان السلطات المختصة من حقها وفق القانون الاوروبى ذاته رفض طلب التأشيرة لدى التأكد ان الغرض من الطلب ليس للدراسة، وان هذا الحق متاح ايضا وفق القانون البلجيكى المعنى.
2-المواطنة الكاميرونية:
· ركزت على ان المحكمة البلجيكية اخطأت بالاشارة الى ان تطبيق القانون البلجيكى يتسق مع التوجيه الاوروبى بالرغم من ان الاخير لم يستوعب داخل القانون الوطنى وان القانون الوطنى لا يحدد الاسس الجادة والموضوعية لاتخاذ قرار بان مقدم الطلب يرغب فى الاقامة لاغراض غير الدراسة.
· اشارت ايضا ان التوجيه المعنى عرف مصطلح ""طالب" فى هذه الحالات بانه مواطن دولة ثالثة تقدم بطلب للدراسة فى دولة عضو بالاتحاد وحاصل على قبول من المؤسسة التعليمية العليا، ولا توجد اية اشارة لموضوع التحقق من صدق نية صاحب الطلب كشرط لمنح التأشيرة .
تناول محكمة العدل للموضوع وقرارها
بالرغم من اخذ المحكمة علم بان التوجيه المعنى لم يتم استيعابة فى القانون البلجيكى وان اجراءات اتمام ذلك بدأت فقط بعد تحريك هذه الدعوى، فقد تبنت المحكة الموقف التالى:
1-ان الدول الاعضاء يمكنها وفق التوجيه رفض طلب تأشيرة دخول بغرض الدراسة لدى توافر ادلة او اسس جادة وموضوعية لاستخلاص ان المواطن يعتزم الاقامة لاغراض غير تلك الواردة فى طلب الحصول على التأشيرة.
2- ان كافة الشروط المنصوص عليها لقبول طلبات التأشيرات والاقامة بغرض الدراسة فى دولة عضو لا تتضمن شرط توافر "نية صادقة للدراسة"، مع ذلك ووفق وفق مبدأ عام لقانون الاتحاد فان قانون الاتحاد لا يجب الاستناد عليه من اجل اهداف استغلالية و احتيالية .
3- الدول الاعضاء ملزمة برفض التمتع او الاستفادة من احكام لقانون الاتحاد حتى فى الحالات التى يتم استيفاء كافة الشروط التى تنص عليها الاحكام حين يتم الاستناد عليها ليس لتحقيق الغرض من تلك الاحكام وانما بغرض الاستفادة من ميزة فى قانون الاتحاد لاغراض اخرى.
4-المبدأ العام بمحاربة الممارسات الاستغلالية لا بد، بالتالى، من الاستناد عليه ضد الشخص الذى يستدعى بعض احكام قانون الاتحاد لميزة بشكل لا يتسق مع اهداف تلك الاحكام.
5- مادة التوجيه التى تنص على ان الدولة العضو يمكنها رفض الطلب على اساس ادلة او اعتبارات جادة وموضوعية بان صاحب الطلب يرغب فى الاقامة لاغراض غير الدراسة "لا يمكن تفسيرها بانها تستبعد تطبيق مبدأ قانون الاتحاد بان الممارسات الاستغلالية محظورة، نظرا لان تطبيق هذا المبدأ غير مشروطا باتمام استيعاب التوجيه".
6 يستتبع ذلك ان يترك لسلطات الدولة العضو ومحاكمها رفض الاستفادة من حقوق يوفرها ذلك التوجيه حين يكون الاستناد على هذه الحقوق هو لاغراض استغلالية او احتيالية، حتى وان كان الدولة العضو لم تستوعب التوجيه فى قانونها الوطنى، وان على السلطات المختصة فى الدولة المعنية دراسة كل حالة بعينها ومراجعة كل الاعتبارات المحيطة بالطلب، و على سبيل المثال فان التضارب فى الخطط الدراسية لصاحب الطلب يشكل سبب موضوعى يدعو الى ترجيح وجود ممارسة استغلالية شريطة ان يكون ذلك التضارب واضحا و ان يتم تقديره ارتباطا بالحالة المعنية.
7- انتهت المحكمة الى تفسير التوجيه المعنى بانه لا يستبعد قيام دولة، لم تقم باستيعاب التوجيه فى قانونها الوطنى، برفض طلب الدخول الى اراضيها بغرض الدراسة على اساس ان مواطن الدولة الثالثة قدم الطلب دون وجود نية صادقة للدراسة فى تلك الدولة، وفق المبدأ العام لقانون الاتحاد "بحظر الممارسات الاستغلالية والاحتيالية".
تعليق ختامى
اهمية هذه الدعوى تعود الى توضيح المحكمة بشكل قاطع ان المبادئ العامة لقانون الاتحاد هى مبادئ غير مقيدة وغير مشروطة وتطبيقها لا يخضع لاجراء تشريعى او ادارى مسبق وتلتزم بها محكمة العدل للاتحاد الاوروبى وكذلك المحاكم الوطنية للدول الاعضاء.
فى نفس الوقت حرصت المحكمة على التأكيد بانه و فى اطار النزاع المطروح امام المحكمة الوطنية هناك ضرورة التحوط بالنسبة للحالات التى يكون فيها الالتزام باحكام قانون الاتحاد التزام رسمى وكامل ولكن يبقى الغرض الرئيسى وراء ذلك تحقيق استفادة والتمتع بمزايا لاغراض غير التى وضعت الاحكام لتحقيقها. وعليه وفى الحالة محل النزاع هنا يكون على المحكمة الوطنية تطبيق المبدأ العام لقانون الاتحاد الخاص بمحاربة الممارسات الاستغلالية و الاحتيالية بعد التأكد من عدم صدق نية صاحب طلب الحصول على تأشيرة الدخول بغرض الدراسة.
[1]- التوجيه:
Directive (EU) 2016/801 of the European Parliament and of the Council of 11 May 2016
[2] بشكل خاص المواد 3(3)، 20(2)، 34(5) من التوجيه .