Call Me 123-456-7890
سمو القانون الاوروبى/ سيمنتال[1]
Primacy/ Simmethal
مقدمة
دعوى سيمنتال عام 1978 تدخل فى اطار تناول محكمة العدل للجماعة الاوروبية موضوع تضارب قانون الجماعة و القوانين الوطنية للدول الاعضاء وطورت المحكمة من خلالها احكام ومبادئ سابقة لها، كما تعد الدعوى من السوابق الهامة التى اكدت على مبادئ مثل سمو قانون الاتحاد والتأثير المباشر مع اضافة حلول ومبادئ جديدة.
موضوع الدعوى يمكن تلخيصه على النحو التالى:
1- قامت شركة سيمنتال باستيراد لحوم من فرنسا الى ايطاليا، وقد حصلت السلطات الايطالية رسوم كشف صحى على اللحوم المستوردة وفقا لقانون ايطالى صادر عام 1970 ينص على تحصيل مثل هذه الرسوم على كل اللحوم التى تعبر الحدود الايطالية، واعترضت الشركة المستوردة على اعتبار ان ذلك يتعارض مع قواعد للجماعة الاوروبية صادرة خلال الفترة من 1964 الى 1968.
2- لدى تناول المحاكم الايطالية للنزاع قررت ان القانون الايطالى يتمتع باسبقية على قانون الجماعة وضرورة تطبيقة نظرا لصدوره فى توقيت لاحق على قوانين الجماعة وبالتالى تسرى قاعدة ان القانون اللاحق يبطل القانون السابق (Lex Posterior derogat Priori) كما انها لا تستطيع الامتناع عن تطبيق القانون الوطنى الى ان يتم الحكم بعدم دستوريته.
3- قامت المحكمة الايطالية باللجوء الى آلية الاحالة الى محكمة العدل للجماعة لحكم تمهيدى حول تفسير المادة 189 من معاهدة الجماعة الاقتصادية الاوروبية و، بشكل خاص، على قابلية التطبيق المباشر لقانون للاتحاد، يتمع بهذه الخاصية، فى حالة عدم اتساقه مع قانون وطنى واحكام للاخير قد تكون متعارضة معه.
4- جدير بالذكر هنا ان المادة 189 المشار اليها تتضمن تعريفا وخصائص فئات القوانين التى تصدرها الجماعة ومنها، وفق الفقرة الاولى من المادة، "القواعد" (Regulations) والتى تتصف بانها ذات تطبيق عام وملزمة بكل اركانها " وقابلة للتطبيق المباشر" فى كل الدول الاعضاء، وهذه هى نوعية القوانين الصادرة من الجماعة التى استندت عليها الشركة المستوردة فى اعتراضها.
تناول المحكمة للدعوى وقرارها
اعادت المحكمة فى مستهل تناولها للدعوى التذكير بالمبادئ السابق اقرارها والخاصة بمبدأ سمو قانون الجماعة على القوانين الوطنية، دعوى كوستا-اينيل عام 1964، و مبدأ التأثير المباشر، دعوى فان جيند عام 1963، ثم تطرقت الى النقاط التالية فى ردها على المحكمة الايطالية:
1- التطبيق المباشر لقانون الجماعة يعنى ان قواعده يجب تطبيقها بالكامل وبشكل موحد فى كل الدول الاعضاء اعتبارا من تاريخ دخولها حيز التنفيذ وطالما استمر سريانها.
2-الاحكام القابلة للتطبيق المباشر هى مصدر مباشر لحقوق وواجبات لكل من يتأثر بها سواء كانت الدول الاعضاء او الافراد، وهو ما ينطبق ايضا على اية محكمة وطنية تكون مهمتها كجهاز لدولة عضو حماية الحقوق الممنوحة للافراد من قانون الجماعة وعليها بالتالى ان تنحى جانبا (SET ASIDE) اية احكام لقانون وطنى متعارضة سواء سابقة او لاحقة على قانون الجماعة.
3- وفق مبدأ سمو قانون الجماعة، العلاقة بين احكام المعاهدة والاجراءات القابلة للتطبيق المباشر للمؤسسات من ناحية والقانون الوطنى للدول الاعضاء من ناحية اخرى من خصائصها ان تلك الاحكام والاجراءات واعتبارا من دخولها حيز التنفيذ لا تقتصر على انها تجعل اية احكام متعارضة من القانون الوطنى القائم غير قابلة تلقائيا للتطبيق ولكن- بوصفها جزء لا يتجزأ من المنظومة القانونية السارية فى اراضى كل دولة عضو وتتمتع باسبقية فى اطارها- فانها تستبعد اصدار صحيح لاية اجراءات تشريعية وطنية جديدة طالما كانت غير متسقة مع قوانين الجماعة.
4- ان اى اعتراف باثر قانونى لاجراءات تشريعية وطنية تتعدى على مجال تمارس فيه الجماعة سلطاتها التشريعية او اجراءات متعارضة مع احكام قانون الجماعة يرتقى الى انكار لفاعلية التزامات قبلتها بشكل غير مشروط و لا رجعة فيها الدول الاعضاء وفق المعاهدة ويعرض بالتالى للخطر القواعد ذاتها التى قامت على اساسها الجماعة.
5- المحكمة الوطنية وفى اطار ولايتها القانونية ولدى تطبيقها احكام قانون الجماعة عليها واجب ضمان النفاذ الكامل لتلك الاحكام ولدى الحاجة رفض بمبادرة ذاتية تطبيق اية احكام لقانون وطنى متعارضة، حتى وان كانت صادرة فى توقيت لاحق على قانون الجماعة المعنى، وليس من الضرورى على المحكمة طلب او انتظار ان تنحى جانبا هذه الاحكام بواسطة اجراءات تشريعية اوغيرها للدولة العضو.
تعليق ختامى
1-عبر هذه الدعوى اكدت المحكمة على المبادئ العامة التى قامت بارسائها فى احكام سابقة وعلى رأسها مبدأ سمو قانون الجماعة ومبدأ التأثير المباشر، اضافة الى اعادة استبعاد لجوء المحاكم الوطنية فى تعاملها مع حالات تعارض بين قانون الجماعة والقانون الوطنى الى المبدأ القانونى المستقر فى منظومات القوانين الوطنية القائل بان "القانون اللاحق يبطل السابق" .
2- وضعت المحكمة هنا ايضا مبدأ جديد كحل امام المحاكم الوطنية فى التعامل مع القانون الوطنى القائم و المتعارض مع قانون للجماعة وهو تنحية هذا القانون جانبا وهو ما عرف بمبدأ Set Aside Principle وعدم تطبيق القانون الوطنى المعنى Disapplication وهو ما يعد تطويرا واستكمالا لمبدأ سمو قانون الجماعة.
3-جدير بالذكر ان هذا المبدأ الجديد سوف تمد المحكمة تطبيقة لاحقا على كل الهيئات والمؤسسات المنشأة وفق القانون الوطنى لتكون مسئولة هى ايضا عن حماية حقوق الافراد الناشئة عن قوانين للجماعة حتى وان كان ممارسة مثل هذه السلطة غير متسق مع احكام دستورية.
4- من السمات الرئيسية لتناول المحكمة لهذ الدعوى الدور الكبير التى منحته للمحاكم الوطنية والسلطة الواسعة غير المشروطة باى شكل بقيود وطنية بحيث تصبح اداة فعالة تقوم و بمبادرة ذاتية بتنحية جانبا القانون الوطنى المتعارض مع قانون الجماعة دون حتى انتظار اتخاذ السلطات التشريعية المحلية اجراءات لتعديل او الغاء هذا القانون او منح المحاكم موافقة للقيام بذلك، بل وان تعمل المحاكم الوطنية ايضا كحائط صد امام اصدار تلك السلطات التشريعية لقوانين وطنية جديدة غير متسقة مع قوانين الجماعة.
5- كما لفتت المحكمة النظر الى ان اى شكل من اشكال التعدى على السلطات التشريعية للجماعة وقوانينها يشكل خطرا داهما، وكما قالت المحكمة، ليس فقط على بعض احكام وقوانين الجماعة بل على قواعد المنظومة القانونية التى تأسست الجماعة ذاتها عليها.
[1] Amministrazione delle Finanze v Simmenthal SpA (1978) Case 106/77.