
Call Me 123-456-7890

لوكينى/ الدعم الحكومى
Lucchini/State Aid
مقدمة
تعد هذه الدعوى والحكم الصادر عن محكمة العدل للجماعات الاوروبية من اهم واشهر الدعاوى نظرا لحساسية الموضوع، الدعم الحكومى، لدى جميع الدول الاعضاء بالجماعة، وهو ما استدعى المحكمة لتناول الدعوى عبر التشكيل الاكبر لهيئة المحكمة (Grand Jury) والذى لا تلجأ اليه الا فى الحالات الاستثنائية والهامة جدا. و قد اكدت المحكمة عبر حكمها فى هذا الدعوى على مبدأ هام جدا يلزم قضاة الدول الاعضاء وبمبادرة ذاتية بعدم تطبيق اية قوانين وطنية متعارضة مع قانون الجماعة.
الموضوع [1]:
1- تقدمت شركة لوكينى الايطالية فى عام 1985 الى الحكومة بطلب للحصول على دعم لتحديث بعض مصانع الصلب التابعة لها، و قامت الاخيرة باخطار المفوضية باعتزامها تقديم هذا الدعم وفق القانون الايطالى، ويدخل هذا الاخطار فى اطار قانون الجماعة فيما يخص ضرورة اخطار المفوضية فى حالات اعتزام حكومات الدول الاعضاء تقديم دعم لشركات خاصة.
2- طلبت المفوضية تفاصيل ومعلومات اضافية حول طبيعة الدعم وشروطه ونظرا لعدم تلقى الردود المطلوبة فى التوقيتات المحددة فقد اعلنت المفوضية عدم توافق هذا الدعم مع قانون الجماعة خاصة لعدم تقديم الجانب الايطالى الادلة والمبررات التى تستدعى تقديم الدعم.
3- حركت الشركة عدة دعاوى ضد الحكومة لتأخرها فى تقديم الدعم وصدر لصالحها عدة احكام وكان اخرها قرار من محكمة النقض تضمن ان الحكم بالزام الحكومة تقديم الدعم اصبح نهائيا و اكتسب صفة " "حكم مقضى به" Res Judicata، وانتهى الامر بحصول الشركة على الدعم مع اضافة الحكومة لشرط باسترداد الدعم ان صدرت قرارات من الجماعة بعدم قانونيته.
4- قررت المفوضية بعد ذلك توجيه رسالة الى السلطات الايطالية اشارت الى ان تناول المحاكم الايطالية للموضوع اهدر مبادئ اساسية لقانون الجماعة وطالبت الحكومة الايطالية باسترداد الدعم لعدم قانونيته.
احالة الدعوى الى محكمة العدل للجماعة
1- لدى عرض الموضوع على مجلس الدولة فى ايطاليا اكد ان السلطات الايطالية كان عليها عدم تقديم الدعم منذ البداية ولدى اخطارها من جانب المفوضية بعدم توافقه مع قانون الجماعة ولكن مع عدم استئناف الحكومة للحكم الصادر ضدها فقد اصبح وفق القانون الايطالى "حكم مقضى به" غير قابل للالغاء (Res Judicata ). واعلن المجلس انه وفى ضوء هذه الملابسات فانه يقرر تعليق الاجراءات وتوجيه الاستفسارات التالية الى محكمة العدل للجماعة الاوروبية.
· فى ضوء مبدأ سمو قانون الجماعة فيما يخص قوانينها القابلة للتطبي ق بشكل مباشر، هل من الناحية القانونية من المتاح ومن الملزم على السلطات الادارية الوطنية استرداد دعم كانت قد قدمته الى شركة خاصة حتى ان كان قد صدر حكما نهائيا من المحاكم المدنية الوطنية اكد التزام غير مشروط على تلك السلطات بتقديم ذلك الدعم وهو ما قامت به بالفعل؟
· ام، اخذا فى الاعتبار المبدأ المتفق عليه بشكل عام بان قرارات استرداد الدعم يحكمها قانون الجماعة ولكن تطبيقها فيما بعد وآليات الاسترداد المرتبطة بالقرار، وفى ظل غياب احكام للجماعة حول الموضوع، يحكمها القانون الوطنى، اصبح تطبيق آليات الاسترداد غير ممكن فى ضوء قرار قضائى داخلى محدد بان حكم تقديم الدعم اصبح " حكم مقضى به" (Res Giudicata )، و بالتالى يكون قد تم الفصل بشكل نهائى فى النزاع بين الشركة الخاصة والادارة ويتطلب الامر انصياع الادارة له؟
ولاية المحكمة
شككت شركة لوكينى فى ولاية محكمة العدل لتناول النزاع خاصة فى ضوء انقضاء معاهدة الجماعة الاوروبية للفحم والصلب فى يوليو 2002 والتى من المفترض تناول المحكمة تفسير لمواد خاصة بها. وردا على ذلك اكدت المحكمة انها تحتفظ بالولاية فى تفسير مواد معاهدة الجماعة الاوروبية للفحم والصلب حتى بعد انقضاء تلك المعاهدة على اعتبار انه يصبح متعارضا مع اهداف واستمرارية المنظومة القانونية للجماعة ان لم تتمتع المحكمة بتلك الولاية لضمان التفسير الموحد لمواد ما زالت منتجة لاثار حتى بعد انقضاء المعاهدة.
اهم النقاط المثارة من محكمة العدل
1-فى اطار قانون الجماعة والذى يقوم على الفصل الواضح بين مهام المحاكم الوطنية ومحكمة العدل فان اية تقييمات لوقائع الدعوى هو امر تتولاه المحاكم الوطنية. وايضا يدخل ضمن الولاية الحصرية للمحكمة الوطنية التى تتولى النظر فى نزاع و احيلت اليها مسؤولية اصدار الحكم القضائى التالى، ان تحدد فى ضوء ظروف وملابسات الدعوى الحاجة من عدمه لتفسير بعض مواد من قانون الجماعة حتى تتمكن من الفصل فى النزاع. بالتالى حين تكون الاستفسارات المطروحة تتعلق بتفسير مواد للمعاهدات فان محكمة العدل لا تستطيع من حيث المبدأ الامتناع عن اصدار حكمها.
2- فى حالات استثنائية فقط، محكمة العدل يمكن ان تقوم بدراسة الظروف التى استدعت المحكمة الوطنية لاحالة الدعوى اليها للتأكد من ولاية محكمة العدل فى نظر الدعوى. ويمكنها رفض الرد على الاستفسارات المطروحة ان وجدت انه من الواضح تماما ان تفسير مواد قانون الجماعة المطلوب من المحكمة الوطنية لا علاقة له بوقائع النزاع او ان تكون الاشكالية المطروحة هى اشكالية افتراضية او الا يكون امام المحكمة العناصر القانونية او المادية اللازمة لاصدار رد مفيد على الاستفسارات المطروحة.
3- المحاكم الوطنية يمكنها النظر فى دعاوى خاصة بالدعم الحكومى وتكون تلك المحاكم مطالبة بتفسير وتطبيق مفهوم الدعم كما تم تعريفه فى قانون الجماعة و بشكل خاص ان كان الدعم الحكومى قد منح دون مراعاة لآلية الفحص الاولى المنصوص عليها فى قانون الجماعة، وفى نفس الوقت فان المحاكم الوطنية لا ولاية لها لاتخاذ قرار حول تعارض دعم حكومى مع السوق المشترك على اعتبار ان تقدير هذا التعارض اختصاص حصرى لمفوضية الجماعة وللرقابة القضائية من محكمة العدل للجماعة.
4- ان كانت المحاكم الوطنية، من حيث المبدأ، لها ان تنظر ان كان قانون للجماعة صحيحا من عدمه فانها مع ذلك لا ولاية لها وبحد ذاتها ان تحكم بعدم صحة قانون للجماعة، لان ذلك يخضع حصريا لولاية محكمة العدل.
5-قرار صادر من مؤسسة للجماعة لم يتم الطعن عليه من المخاطب بالقرار خلال المدة الزمنية القانونية المتاحة يصبح نهائيا فى مواجهة ذلك الطرف. فى هذا الصدد، من غير الممكن لمتلقى لدعم حكومى يكون محل قرار من المفوضية موجه فقط لدولة المستفيد من الدعم، والذى كان فى مقدوره الطعن على ذلك القرار و سمح بمرور المدة الزمنية القانونية دون تحرك، ان يعود للتشكيك فى قانونية ذلك القرار امام المحاكم الوطنية فى دعوى ضد اجراءات السلطات الوطنية لتطبيق القرار. وهذه المبادئ تسرى بالضرورة فى نطاق معاهدة الجماعة الاقتصادية الاوروبية و معاهدة الجماعة الاوروبية للفحم والصلب.
6-على المحاكم الوطنية تفسير احكام القانون الوطنى، قدر المستطاع، بحيث يكون من الممكن تطبيقها بشكل يساهم فى انفاذ قانون الجماعة. وفى هذا الصدد لدى تناول محكمة وطنية النظر فى تطبيق قانون الجماعة يصبح من واجبها ضمان اكبر قدر من الفاعلية لاحكام ذلك القانون حتى، ان دعت الضرورة، عبر رفض وبمبادرة ذاتية منها تطبيق اية احكام وطنية متعارضة.
7-بالتالى فان قانون الجماعة يحول دون تطبيق مادة من القانون الوطنى يكون من نتائجها اقرار مبدأ -"حكم مقضى به" ( Res Judicata ) على نحو يصبح تطبيق تلك المادة مانعا لاسترداد دعم حكومى منح بالمخالفة لقانون الجماعة و تأكد تعارضه مع السوق المشتركة بقرار نهائى من مفوضية الجماعة.
حكم المحكمة
قانون الجماعة يحول دون تطبيق احكام قانون وطنى، مثل المادة 2909 من القانون المدنى الايطالى، التى تسعى الى ترسيخ مبدأ "حكم مقضى به" (Res Judicata) ، بالقدر الذى يكون تطبيق تلك المادة مانعا لاسترداد دعم قدم بشكل مخالف لقانون الجماعة اتضح تعارضه مع السوق المشترك بقرار نهائى من مفوضية الجماعات الاوروبية.
[1] Judgment of the Court (Grand Chamber) of 18 July 2007.Ministero dell'Industria, del Commercio e dell'Artigianato v Lucchini SpA. Reference for a preliminary ruling: Consiglio di Stato - Italy.Case C-119/05.