Call Me 123-456-7890
European Integration: Historical Hackground
منذ 12 دقائق
٧ min read
0
0
0
التكامل الاوروبى: خلفية تاريخية
European Integration: Historical Hackground
مقدمة
انطلاق عملية الاندماج الاوروبى فى الخمسينيات من القرن الماضى لم تأتى من فراغ وانما استندت على عملية تراكمية عبر عدة قرون سواء عل المستوى الايديولوجى او على المستوى العملى الملموس عبر تجارب على الارض. نستعرض فيما يلى اهم العلامات على الصعيدين المذكورين لكى نتفهم فى النهاية الارضية التى بنيت عليها المنظومة القانونية للاتحاد الاوروبى كما نعرفه اليوم.
الاطار الفكرى
من المحطات الفكرية الهامة عبر القرون الماضية:
1- القرن الخامس عشر: تراكتاتوس (Tractatus) 1474
اول ظهور لفكرة توحيد اوروبا يرجع الى الوثيقة التي حملت اسم "تراكتاتوس" (Tractatus)، وكتبها في عام 1474 ملك بوهيميا "بوديبراد" (Podiebrad)، بعد 11 عاماً من سقوط القسطنطينية في أيدي الأتراك، من أجل مواجهة الإمبراطورية العثمانية. تضمنت الوثيقة توقيع ميثاق عدم اعتداء بين الشعوب المسيحية وإقامة سلطة قضائية ذات صلاحيات ونوع من البرلمان يضم الدول الأعضاء، وقد كان الباعث الأوضح لهذا المشروع الفكري الوحدوي الأوروبي في ذلك الوقت "دينيا" أي محاولة تقوية الغرب المسيحي في مواجهة الشرق الإسلامي، بالإضافة إلى الصراع المحتدم بين السلطة الروحية، التي كان يجسدها رأس السلطة الممثلة في "البابا"، والسلطة الزمنية التي كان يجسدها رأس الدولة ممثلاً في الإمبراطور أو الأمراء والملوك.
2- القرن الثامن عشر: شارلز-ايرينيه كاستيل، مطران سان-بيير فى فرنسا ( 1658-1743 ).
شارلز-ايرينيه كاستيل، مطران سان-بيير (Charles-Irénée Castel, abbé de Saint-Pierre) كاتب فرنسى صاحب فكر وتوجهات غير معتادة فى عصره وناقد شرس للاوضاع السياسية والقانونية و للمؤسسات الاجتماعية ويعد من الاصلاحيين حيث تبنى عدة مقترحات لاصلاحات ادارية وسياسية ومالية. من اوائل من طرحوا فكرة وحدة اوروبية تتشكل من دول مستقلة و اشهر كتاباته " مشروع لتأسيس سلام دائم فى اوروبا " عام 1713(Le Projet de paix perpétuelle ) تضمن مقترح سلام قائم على معاهدات اوتريخت[1] بضمانة من جانب كونفيدرالية اوروبية تقوم بتشكيل مجلس لحل المنازعات، وهو من اوائل المفكرين الاوروبين فى طرح فكرة انشاء منظمة دولية لحفظ السلام فى سابقة اولى بعد وثيقة تراكتاتوس. كان له تأثير على كل من روسو وكانت وامتد تأثيره على الفكر الاوروبى السياسى حتى القرن العشرين.
3- القرن الثامن عشر: جان-جاك روسو (1712-1778)
جان-جاك روسو (Jean-Jacques Rousseau) فيلسوف وكاتب ومؤلف موسيقى سويسرى ولد فى جنيف ( اكتسب فيما بعد الجنسية الفرنسية) وكان لفلسفته السياسية تأثير كبير فى عصر التنوير فى كل اوروبا وعلى جوانب كثيرة من الثورة الفرنسية وتطور الفكر السياسى والاقتصادى والتعليمى الحديث.
مقالين لروسو فى فى الفترة من ما بين 1750 و1760 الاول منها عرض تحليلى حول افكار مطران سان-بيير (Abbé Saint-Pierre ) حول افاق فيدرالية اوروبية للحد من احتمالات اشتعال الحروب والثانى يطرح فيه افكار حول نظرية الحرب العادلة. فيما يخص القارة الاوروبية وتعليقا على فكر مطران سان بيير بان الحرب لا تنفصل عن طبيعة النظم الحاكمة فى اوروبا وانه من الضرورى على الدول الاوروبية الكبرى التوصل الى معاهدة لوحدة دائمة وتشكيل وحدة اوروبية، امتدح روسو الفكرة واشاد باعمال مطران سان بيير قائلا: "لم يصل فكر الانسان الى اطروحة على هذا المستوى من الرقى" ولكن "لا شك فان السلام الدائم فى الوقت الحالى اضحوكة " لان الدول فى الاساس كائنات انانية وبالتالى لن توافق على ان تخسر بعض من سيادتها واستقلاليتها، دون جيش مشترك يستطيع فرض مشروع الوحدة فان المشروع لا يتوافق مع النظام الدولى. وهنا روسو يبدو مؤيدا للفكرة ولكنه واقعى حول صعوبة تطبيقها.
4- القرن التاسع عشر: كلود هينرى دى سان سيمون (1760-1825)
كلود هينرى دى سان سيمون Claude Henri de Saint-Simon مفكر سياسى، اقتصادى ورجل اعمال فرنسى كانت لافكاره تأثيرا على العلوم السياسية والاقتصادية والاجتماعية والفلسفة. دعا فى عام 1814 في رسالة وجهها إلى البرلمانات فى كل من فرنسا وانجلترا تحت عنوان: "حول إعادة تنظيم المجتمع الأوروبي"، De la réorganization de la société européenne, إلى إقامة محور بين باريس ولندن يكون على شكل كونفدرالية تعمل على توسيع نطاقها إلى أنظمة برلمانية أخرى، مع برلمان أوروبي يكون له دور المحرك في إعادة توحيد القارة الأوروبية. واكد فى دعوته هذه ان افضل الحلول للقارة الاوروبية هى انظمة حكم تتولى ادارة البلاد من خلالها برلمانات ليتم ايضا تشكيل برلمان مشترك بينها صاحب سلطات لحل المنازعات. كان صاحب رؤية عنصرية تقوم على تفوق الجنس الاوروبى وان من الادوار الرئيسية للبرلمان المشترك فى اوروبا الموحدة التى يتصورها دفع الحركة لكى يستعمر الجنس الاوروبى باقى ارجاء العالم.
5- القرن التاسع عشر: فيكتور هوجو (1802-1885)
فيكتور هوجو Victor-Marie Hugo كاتب وشاعر وسياسى فرنسى شهير امتد نشاطه الادبى لاكثر من 60 عاما. كان مؤيدا قويا افكرة انشاء "ولايات متحدة اوروبية" و من اقواله ان "حرب بين اوروبيين هى حرب اهلية". اوضح افكاره فى هذا الصدد فى كلمة له امام المؤتمر العالمى للسلام المنعقد فى باريس عام 1849 حيث اعلن ان الدول الاوروبية ودون ان تخسر خصائصها المميزة وشخصيتها المجيدة يمكنها الاندماج فى كيان ارفع واكبر وان تشكل جماعة اوروبية وان هذه الدولة الكبرى الجديدة سوف يحكمها "مجلس شيوخ سيادى يكون لاوروبا مثلما هو البرلمان فى انجلترا". وتنبأ بانه "سيأتي يوم تمتزج فيه كل أمم القارة، وتنصهر في علاقة وثيقة داخل إطار وحدة أرقى، لكي تصنع الإخاء الأوروبي دون أن تفقد أية أمة خصائصها المميزة وملامحها وسماتها الرائعة التي تنفرد بها، وسيأتي يوم لن تكون فيه ميادين للمعارك أو القتال سوى الأسواق المنفتحة على الأفكار. كما سيأتي يوم " تختفي فيه القذائف والقنابل، لكي تحل محلها أصوات الناخبين".
6- القرن العشرين: ريتشارد فون كاودنهوفى-كاليرجى ( 1894-1972)
ريتشارد فون كاودنهوفى-كاليرجى Richard von Coundenhove-Kalergiهو سياسى وفيلسوف ومن رواد حركة التكامل الاوروبى كان مواطنا نمساويا- هنجاريا بالمولد واصبح مواطنا تشيكوسلوفاكيا عام 1919ثم حصل على الجنسية الفرنسية من عام 1939 حتى وفاته، وكان الرئيس المؤسس للاتحاد البان-اوروبى لمدة 49 عاما. هو مؤسس اول حركة شعبية لتوحيد اوروبا، شارك فى عام 1922 فى تأسيس الاتحاد البان-اوروبى (Pan-European Union (PEU باعتباره السبيل الوحيد لمحاربة الهيمنة الروسية وفى عام 1923 نشر كتابه الاول "بان-اوروبا" Pan-Europa مرفق بها استمارة عضوية تدعو القارئ الى الانضمام للحركة. تم فى اول مؤتمر للاتحاد البان-اوروبى والذى عقد فى فيينا عام 1926 بحضور الفين مشارك من 24 دولة انتخابه رئيسا للمجلس المركزى للحركة وهو منصب تولاه حتى وفاته عام 1972. وكان من دعاة إنشاء الولايات المتحدة الأوروبية على غرار الولايات المتحدة الأمريكية، وقد حظيت افكاره بقبول واسع فى مؤتمر فيينا حيث وافق المؤتمر على وضع الخطوط العريضة لتنظيم فيدرالي لأوروبا.
7- ما بعد الحرب العالمية الثانية: توقفت كل هذه التحركات خلال الحرب العالمية الثانية وعاد طرح افكار حول مشروعات التكامل او الاندماج او الوحدة الاوروبية على طاولة الحوار بعد الحرب وحظى هذه التحركات بدفعة قوة من خلال الخطاب الشهير فى 19 سبتمبر 1946 فى جامعة زيوريخ لوينستون تشيرشل حيث اكد على ضرورة انشاء، وبشكل تدريجى، الولايات المتحدة الاوروبية فى اطار تتمتع فيه الدول الصغيرة بذات القيمة مع الدول الكبيرة وان الخطوة الاولى فى هذا الاتجاه هى انشاء رابطة قوية بين فرنسا والمانيا. تلى ذلك مؤتمرين هامين فى هذا الصدد هما:
أ- مؤتمر "مونترو Montreux" في سويسرا عام 1947 بمشاركة 16 دولة و40 من الحركات الاوروبية حيث طرحت مشروعات لانشاء فيدرالية اوروبية والحد من سيادة الدول ودعا المؤتمر الى عقد اجتماع شعبى كبير يضم كل القوى الاوروبية.
ب- مؤتمر لاهاي في شهر مايو 1948، والذى حضره أكثر من ألف مشارك ويعتبر هذا المؤتمر الحجر الأساس في إنشاء المجلس الأوروبي، بعد عام على انعقاده، و فتح ايضا الطريق أمام إنشاء الجماعة الأوروبية للفحم والصلب عام 1951.
تجارب ما قبل الجماعة الاوروبية للفحم والصلب
1-بالتوازى مع الحركات الفكرية والسياسية التى انطلقت بشكل خاص فى بدايات القرن الماضى كانت هناك على الارض اشكال من التعاون الاوروبى فى اطار اضيق جغرافيا وعلى صعيد اقتصادى صرف ثمرة توجهات مختلفة.
2-فى عام 1926 وفى اطار اتفاق بين ملاك مناجم الفحم والحديد فى اقليم لورين الفرنسى(Lorraine)، بعض ملاك المناجم فى بوريناج Borinage فى بلجيكا ورجال صناعة الصلب فى اقليم الروهر Ruhr الالمانى، تم انشاء تحالف اقتصادى احتكارى للصلب استمر حتى حكم هيتلر فى المانيا. الاتفاق قام على فكرة نقل الحديد والفحم، المستخرج من المناجم الفرنسية والبلجيكية، لاستخدامه فى انتاج الصلب فى الروهر بعد الاتفاق على تحديد سعر موحد للمواد الاولية والمنتج النهائى. المشروع بالتالى قام على فكرة التكامل بين اطراف غير حكومية تنتمى لعدة دول اوروبية.
3- فى الثلاثينات السياسات القومية المتطرفة التى تبنتها عدة دول اوروبية اوقفت كل هذه المشروعات والافكار من حلال حرب شديدة ضد التوجخات الفيدرالية او البحث عن قواسم ثقافية مشتركة بين الشعوب الاوروبية او تنظيم على الصعيد الاقتصادى كيانات فيما بين الدول الاوروبية.
4- الهيئة الدولية للروهر The International Authority for the Ruhr (IAR)
من اهم المشروعات فى هذه المرحلة كانت انشاء الهيئة الدولية للروهر فى عام 1949 بواسطة دول التحالف بغرض السيطرة على صناعات الفحم والصلب فى منطفة الروهر فى المانيا الغربية، واتخذت الهيئة من مدينة دوسلدورف مقرا لها. وقد تم التوصل الى الاتفاق فى اجتماعات بلندن خلال شهرى ابريل ويونيو 1949 بين الولايات المتحدة، المملكة المتحدة، فرنسا ودول البينيلوكس ( بلجيكا، هولندا، لوكسمبورج)، والتوقيع عليه فى 28 ابريل 1949 علما بانه تم الغاء الاتفاق من خلال معاهدة باريس لانشاء الجماعة الاوروبية للفحم والصلب عام 1951.
مما يذكر هنا ان الخطط الفرنسية المبكرة بعد الحرب كانت تركز على ابقاء المانية ضعيفة وتقوية الاقتصاد الفرنسى على حساب الاقتصاد الالمانى، مع استهداف القضاء على الصناعات الالمانية الثقيلة و وضع منطقة الروهر الغنية بالفحم ومنطقة رينلاند تحت السيطرة الفرنسية او فى الحد الادنى تدويلها. وكذلك ضم منطقة سارلاند الغنية بالفحم الى اقليم لورين الفرنسى، وقد عارضت الولايات المتحدة بشدة هذه السياسات والاطماع الفرنسية.
اتفاق الروهر تم فرضه على المانيا مقابل السماح لها بانشاء الجمهورية الفيدرالية الالمانية.
من خلال التحكم فى انتاج وتوزيع الفحم والصلب فان الهيئة عمليا سيطرت على الاقتصاد الالمانى بالكامل. وفيما بعد و مع موافقة المانيا على الانضمام الى الجماعة الاوروبية للفحم والصلب مستهدفة رفع القيود التى تفرضها الهيئة عليها وفى نفس الوقت ايضا ضمان الامن الفرنسى من خلال السماح لها باستغلال الفحم من الروهر، اصبح دور الهيئة منعدما وتم الغائها وحلت محلها الجماعة الاوروبية للفحم والصلب.
من الملاحظات الهامة على الهيئة انها كانت تدار بواسطة آلية سيتم اتباعها فيما بعد سواء فى الجماعة الاوروبية للفحم والصلب او الجماعة الاقتصادية الاوروبية ، حيث تولى ادارة الهيئة مجلس يتشكل من الحكومات الموقعة على اتفاقية لندن، مع توزيع الاصوات فى المجلس ليس بالتساوى بين الاعضاء وانما وفق معيار لثقل كل عضو حيث تم منح 3 اصوات لكل من فرنسا، المملكة المتحدة، الولايات المتحدة، المانيا الغربية ( بعد انضمامها لدى تشكيل حكومة اعترفت بها دول التحالف)، و صوت واحد لكل من بلجيكا، هولندا، لوكسمبورج.
5- البينيلوكس: البينيلوكس هو اتحاد اقتصادى بين بلجيكا،هولندا، و لوكسمبورج بهدف تحقيق اندماح اقتصادى كامل يضمن حركة تنقل الافراد والسلع ورؤوس الاموال والخدمات عبر تنسيق السياسات فى القطاع الاقتصادى والمالى والاجتماعى واتباع سياسة مشتركة فى مجال التجارة الخارجية. خطط لاتحاد جمركى بين الدول الثلاث وضعت بواسطة ممثلين للدول الثلاث فى منفاهم فى لندن فى سبتمبر 1944، وتم التصديق على الاتفاق عام 1947 و استمر العمل به حتى تم استيعابه داخل معاهدة الاتحاد الاقتصادى للبينيلوكس التى وقعت عام 1948. و اعتبرت هذه التجربة نموذجا جيدا يمكن من خلاله لدول متجاورة انشاء اتحاد جمركى يتحول مع الوقت وتدريجيا الى اتحاد اقتصادى اوسع، وهذه المعاهدة هى اول مثال لاندماج اقتصادى دولى فى اوروبا منذ الحرب العالمية الثانية.
[1] سلسلة من الاتفاقيات لارساء السلام بعد الصراع على عرش اسبانيا بين ثلاثة اطراف وقعت فى هولندا خلال الفترة ما بين بين 1713-1715 وسمحت المعاهدات لفليب الخامس بالاحتفاظ بملك اسبانيا مقابل التخلى الدائم عن اطماعه فى عرش فرنسا، مع ضمانات اخرى على رأسهاعدم توحد فرنسا واسبانيا حفاظا على توازن القوى القائم فى اوروبا. الدول اطراف المعاهدات اسبانيا، بريطانيا، فرنسا، البرتغال، دوقية سافوى والجمهورية الهولندية.