Call Me 123-456-7890
محكمة العدل للاتحاد الاوروبى / سياسة اللجوء
EU Court of Justice/ Asylum policy
مقدمة
تعد الدعاوى الخاصة بالهجرة غير المشروعة واللجوء من الموضوعات التى تحظى باهتمام كبير على الساحة الاوروبية وخاصة لدى تناول محكمة العدل للاتحاد هذه الدعاوى وتأسيسها لمبادئ يكون على المحاكم الوطنية فى كل الدول الاعضاء الالتزام بها.
من هذه الدعاوى خلال شهر اكتوبر 2024 الدعوى رقم C406/22 فى 4/10/2024 [1] وتتناول موضوع اللجوء وتوفير الحماية الدولية، ونظرا لاهمية الموضوع فقد تناولتها المحكمة عبر التشكيل العام "الدائرة الكبرى" ( Grand Chamber ) والذى يضم 15 قاضيا بما فى ذلك رئيس ونائب رئيس محكمة العدل. من المعتاد ان تعمل المحكمة وفق دوائر تضم خمس او ثلاثة قضاة ويتم العمل عبر التشكيل العام بناء على طلب من دولة عضو او مؤسسة من مؤسسات الاتحاد تكون طرفا فى الدعوى او فيما يخص الموضوعات التى تتمتع باهمية خاصة.
نوع وموضوع الدعوى
1- الدعوى هى احالة لطلب حكم تمهيدى وفق المادة 267 معاهدة نظام عمل الاتحاد من المحكمة الاقليمية التشيكية بقرارها بتاريخ 20 يونيو 2022. هذا النوع من الدعاوى وفق قانون الاتحاد يتم تحريكها من قاض وطنى لدى نظره دعوى تطرح خلالها جوانب تتعلق بتفسير مواد واحكام بقانون الاتحاد، ويكون على القاضى الوطنى تعليق الاجراءات و احالة الدعوى الى محكمة العدل للاتحاد لطلب تفسيرها لهذه المواد والاحكام ، ويعد ما يصله من تفسير من المحكمة الاخيرة ملزما لهذا القاضى ولكل المحاكم فى الدول الاعضاء لدى نظرها دعاوى مماثلة.
2-موضوع الدعوى يدور حول النقاط التالية:
· فى عام 2022 تقدم مواطن من مولدوفا بطلب منحه حماية دولية فى جمهورية التشيك.
· دعما لهذا الطلب استند هذا المواطن على تهديدات وصلته فى مولدوفا من اشخاص قاموا بالاعتداء عليه فى السابق وفشلت الشرطة فى تحديدهم. كما اقر بانه لا يرغب فى العودة الى منشأه الاصلى نظرا للغزو الروسى لاوكرانيا.
· السلطات التشيكية رفضت الطلب اخذا فى الاعتبار، ضمن عناصر اخرى، كون مولدوفا، باستثناء اقليم تارانسنيستريا، تم تصنيفها كدولة منشأ ثالثة امنة.
· طعن المواطن على هذا القرار امام المحكمة الاقليمية التشيكية والتى وجدت حاجة ولاصدار الحكم العودة اولا الى محكمة العدل للاتحاد لطلب حكم تمهيدى والرد على عدد من الاستفسارات التى تتعلق بتفسير لتوجيه الاتحاد الخاص بالاجراءات المشتركة حول الحماية الدولية[2].
2- وكما هو متبع فى مثل هذه الدعاوى على المحكمة الوطنية صياغة استفسارات محددة واحالاتها لمحكمة العدل، وقد قامت المحكمة الاقليمية التشيكية بتوجيه ثلاثة ااستفسارات على النحو التالى:
· السؤال الاول: فى حالة قيام احدى الدول الموقعة على المعاهدة الاوروبية لحماية حقوق الانسان والحريات الاساسية الموقعة فى روما 4 نوفمبر 1950 باللجوء الى المادة 15 من تلك المعاهدة التى تتيح للدول فى حالات الحرب والطوارئ طلب الاعفاء من التزامات تفرضها المعاهدة، فهل يعنى ذلك انها اصبحت مفتقدة للمعايير التى يمكن من خلالها تصنيف هذه الدولة، وفق قانون الاتحاد، "كدولة منشأ ثالثة امنة".
· السؤال الثانى: هل المواد 36 و 37 للتوجيه الخاص بالاجراءات المشتركة للحماية الدولية يمكن تفسيرها على نحو يتيح لدولة عضو بالاتحاد امكانية تصنيف دولة ثالثة باعتبارها "دولة منشأ ثالثة امنة" جزئيا، بمعنى استثناء بعض اقاليم تلك الدولة من هذا التصنيف( المادة 36 من التوجيه "تختص بتحديد مفهوم "دولة منشأ ثالثة امنة" اما المادة 37 فتختص بقيام دولة عضو بتصنيف دولة منشأ ثالثة امنة ).
· السؤال الثالث: هل المادة 46(3) من التوجيه المعنى هنا، وهى خاصة بتوفير محاكمة منصفة وعادلة لاصحاب طلبات الحماية الدولية، وعبر قراءتها اتصالا بالمادة 47 من ميثاق الحقوق الاساسية للاتحاد الاوروبى، وهى خاصة بتوفير حماية قضائية فاعلة، يمكن تفسيرها بانها تعنى ان المحكمة الوطنية المعنية ملزمة، لدى نظر دعوى طعن على قرار رفض توفير حماية دولية، و كجزء من دراستها المتكاملة و من مراعاتها لكل العناصر، حتى تلك التى تظهر بعد تحريك الدعوى، باثارة موضوع فشل الدولة العضو بالاتحاد ولدى تصنيفها لدولة ثالثة بانها "دولة منشأ ثالثة امنة" فى ان تأخذ فى اعتبارها الظروف الموضوعية لاصدار هذا لتصنيف، حتى وان لم يكن صاحب الطعن قد اثار هذا النقطة.
تناول المحكمة للدعوى
السؤال الاول: اثارت المحكمة فى استعراضها لجوانب وابعاد السؤال الاول عدة نقاط على رأسها:
1- المواد 36 و37 بتناولان اولا مفهوم دولة منشأ آمنة وثانيا قيام دولة عضو بالاتحاد بتصنيف دولة ثالثة بوصفها "دولة منشأ ثالثة امنة" وتضعان منظومة خاصة يجب على الدول الالتزام بها للنظر فى طلبات منح الحماية الدولية، ومن ذلك على سبيل المثال توافر الحماية المناسبة فى دولة المنشأ. كما ان المادة 37 تنص على ان الدولة العضو يمكنها اصدار او الاحتفاظ بتشريعات وطنية تسمح للسلطات الوطنية بتصنيف دولة ثالثة كدولة منشا ثالثة امنة بغرض النظر فى طلبت الحصول على الحماية الدولية.
2- الملحق 1 للتوجيه المعنى هنا ينص على ان دولة ثالثة يمكن تصنيفها كدولة منشأ ثالثة امنة على اساس الوضع القانونى، تطبيق القانون فى اطار نظام ديموقراطى والظروف السياسية العامة، واستخلاص من ذلك عدم وجود وبصفة عامة ومستمرة لعمليات اضطهاد، تعذيب ومعاملة مهينة وغير انسانية. وفى نفس الوقت فان المادة 15 من معاهدة الاوروبية لحماية حقوق الانسان والحريات الاساسية حتى مع ما تتيحه للدول من اعفاء من التزامات بالمعاهدة فى ظروف معينة فان هذا الاعفاء مصحوب بسلسلة من الضمانات ومراجعات للاجراءات التى تتخذها الدولة الحاصلة على الاعفاء.
3- يصعب فى نفس الوقت استخلاص من مجرد قيام دولة ثالثة باستدعاء المادة 15 ان هذه الدولة قد قامت بالفعل بتنفيذ اجراءات يترتب عليها عدم الوفاء ببعض التزامات المعاهدة او حتى ان اتخذت بعض الاجراءات بالفعل ان نتعرف على طبيعة ونطاق هذه الاجراءات. ولا يمكن فى نفس الوقت ان نحكم بان هذه الدولة الثالثة بمجرد استدعاء المادة 15 هذه تعد مفتقدة لمعايير تصنيفها كدولة منشا ثالثة امنة.
4- مع ذلك يجب ان نأخذ فى الاعتبار ان استدعاء دولة ثالثة ما للمادة 15 للاستفادة من حق الاعفاء من التزامات العاهدة يجب ان يدفع الدولة العضو بالاتحاد صاحبة قرار التصنيف ان تراقب ملابسات تطبيق حق الاعفاء، و عما اذا كانت اجراءات تطبيق هذا الحق تثير اية شكوك حول صحة التصنيف.
5- يمكن بالتالى القول و فى ضوء ما سبق ان المادة 37 لا بد من تفسيرها بمعنى ان دولة ثالثة لا تتوقف عن تلبية معايير تمكين دولة عضو بالاتحاد من تصنيفها كدولة منشأ ثالثة امنة استنادا فقط على انها استدعت المادة 15 من المعاهدة الاوروبية لحماية حقوق الانسان للتمتع بحق الاعفاء من التزامات بالمعاهدة، ومع ذلك، فان السلطات المعنية للدولة العضو التى وضعت ذلك التصنيف عليها تقييم عما اذا كانت ظروف تطبيق هذا الحق يمكن ان تثير الشكوك حول صحة ذلك التصنيف.
السؤال الثانى: اثارت المحكمة هنا بعض النقاط من بينها:
1- فى ضوء قيام الحكومة التشيكية بتصنيف مولدوفا بوصفها "دولة منشا ثالثة امنة" باستثناء تارانسنيستريا، فان المحكمة الاقليمية التشيكية ساورتها الشكوك حول توافق ذلك التصنيف من التوجيه وهو ما طرحته فى السؤال الثانى. وللرد هنا يجب اولا التذكير بانه وفق سوابق قانون الاتحاد فان تفسير مادة معينة يتطلب الى جانب النظر الى الصياغة والعبارات المستخدمة النظر ايضا الاطار العام للمادة والاهداف التى تسعى الى تحقيقها ولدى مناسبة ذلك اصل ومرجع المادة ذاتها.
· فيما يخص الصياغة فان المادة 37 تتعلق بتصنيف من جانب دولة عضو "لدول ثالثة" كدول منشأ ثالثة امنة، الاشارة هنا التى تكررت مرارا هى الى " دولة " او "دول" او "دول ثالثة" دون اية اشارات انه ولغرض التصنيف يمكن فهم هذه الصياغة بانها قد تعنى تصنيف جزء فقط من اراضى الدولة الثالثة المعنية.
· فيما يخص الاطار العام للتوجيه والمعايير الواردة به لتصنيف دولة ثالثة كدولة منشأ ثالثة امنة فلا توجد ايا اشارات الى تطبيق المعايير على اجزاء فقط من دول ثالثة.
· بالرجوع الى المسيرة التشريعية للتوجيه ذاته نرى انه جاء ليحل محل توجيهات سابقة كانت تتضمن مواد تتيح امكانية تصنيف اجزاء من دول كمناطق منشأ امنة وان التوجيه الحالى قام بالغاء كافة هذه المواد ووضع المادة 37 المذكورة مع اسقاط كامل لهذه الامكانية.
2- الاجابة بالتالى على السؤال الثانى هى ان المادة 37 يجب تفسيرها بانها تستبعد القيام بتصنيف دولة ثالثة باعتبارها "دولة منشأ ثالثة امنة" حين تفتقر اجزاء من اراضى تلك الدولة الى المعايير المادية لذلك التصنيف وضرورة ان يغطى التصنيف كامل اراضى الدولة.
السؤال الثالث اثارت المحكمة هنا بعض النقاط من بينها:
1- تدور المسألة هنا حول قراءة للمادة 46(3) من التوجيه ارتباطا بالمادة 47 من ميثاق الحقوق الاساسية للاتحاد الاوروبى و هى مواد تخص توفير الحماية القضائية الفاعلة لاصحاب طلبات الحصول على الحماية الدولية والتزام محاكم الدول الاعضاء وفقا للتوجيه المعنى هنا باجراء دراسة متكاملة ومراعاة كافة الادلة بما فى ذلك ما يصل الى علمها حتى بعد تحريك الدعوى من معلومات ونقاط من القانون، وهو ما يعيد التأكيد عليه ميثاق الحقوق الاساسية للاتحاد عبر المادة 47.
2- ومن هنا يجب الانتهاء الى انه وفى مثل هذه الظروف، حتى وان لم يستند صاحب الطلب صراحة على احتمال وجود تقصير او فشل من جانب الدولة العضو صاحبة قرار التصنيف فى الالتزام بالقواعد التى يضعها التوجيه لتصنيف دولة ثالثة بانها دولة منشأ ثالثة امنة، فلا بد هنا واتساقا مع ما جاء فى الفقرة الاولى عاليه من توفير حماية قضائية فاعلة ان تأخذ المحكمة الوطنية الاحتمال المذكور فى الحسبان لدى اتخاذ قرارها.
3- بالتالى يكون الرد على السؤال الثالث هو ان المادة 46(3) من التوجيه لدى قراءتها اتصالا بالمادة 47 من ميثاق الحقوق الاساسية تفسيرها هو ان المحكمة الوطنية الموكل اليها النظر فى طلبات الحصول على الحماية الدولية ملزمة وفى اطار الدراسة المتكاملة و الادلة والمعلومات ونقاط القانون التى تتوافر لديها ان تأخذ فى اعتبارها لدى اصدار الحكم احتمال وجود تقصير او فشل من جانب الدولة صاحبة قرار التصنيف فى اتباع الاجراءات والمعايير التى يتضمنها التوجيه والملحق رقم 1 للتوجيه، حتى وان لم يتعرض صاحب الطلب فى طعنه على قرار الرفض الى هذه العناصر الاخيرة.
حكم المحكمة
اصدرت محكمة العدل للاتحاد الاوروبى الحكم التالى فى هذه الدعوى:
1- المادة 37 من التوجيه 2013/32 للاتحاد الاوروبى والمجلس الصادر فى 26 يونيو 2013 حول الاجراءات المشتركة لمنح او سحب الحماية الدولية، لدى قراءته اتصالا مع الملحق الاول به:
لا بد من تفسيرها بمعنى ان دولة ثالثة لا تتوقف عن تلبية معايير قابلية تصنيفها كدولة منشأ ثالثة امنة بالرجوع فقط الى انها لجأت الى تفعيل الحق فى الاعفاء من التزامات تنص عليها معاهدة حماية حقوق الانسان والحريات الاساسية، الموقعة فى روما فى 4 نوفمبر 1950، وفق المادة 15 من تلك المعاهدة. مع ذلك، فان السلطات المعنية للدولة العضو التى وضعت ذلك التصنيف عليها تقييم عما اذا كانت ظروف تطبيق هذا الحق يمكن ان تثير الشكوك حول ذلك التصنيف.
2-المادة 37 من التوجيه 2013/32 :
لا بد من تفسيرها بمعنى انها تحظر تصنيف دولة ثالثة كدولة منشأ امنة حين تكون اجزاء معينة من اراضيها لا تلبى الشروط المادية لذلك التصنيف، كما ينص عليها الملحق 1 للتوجيه.
3- المادة 46(3) من التوجيه 2013/32، لدى قراءتها اتصالا بالمادة 47 من ميثاق الحقوق الاساسية للاتحاد:
لا بد من تفسيرها بمعنى انه، لدى تحريك دعوى امام محكمة او سلطات قضائية ضد قرار رفض طلب حماية دولية، يتم نظرها فى اطار المنظومة الخاصة القابلة للتطبيق على الطلبات المقدمة من افراد من دول ثالثة مصنفة، وفق المادة 37 من ذلك التوجيه، كدول منشأ امنة، فان تلك المحكمة او السلطات القضائية ملزمة، وكجزء من الدراسة المتكاملة و فى ضوء الادلة المتوفرة فى توقيت نظر الدعوى كما تنص المادة 46(3) ، بان تثير، استنادا على المعلومات فى الملف والمعلومات التى تصل الى علمها خلال نظر الدعوى، فشل مراعاة الظروف المادية لذلك التصنيف، كما ينص الملحق 1 بذلك التوجيه، حتى اذا كان هذا الفشل لم يتم الاستناد عليه رسميا لدعم ذلك الطعن.
تعليق ختامى
1-جدير بالذكر فى النهاية ان الاطار القانونى الحالى للاتحاد الاوروبى للتعامل مع موضوعات الهجرة واللجوء جارى تعديله جذريا وبشكل شامل وذلك بعد تصديق البرلمان الاوروبى فى 11 يونيو 2024 على "الاتفاق الجديد حول الهجرة واللجوء" ( The New Pact on Migration and Asylum). مشروع هذا الاتفاق تم طرحه من المفوضية منذ 23 سبتمبر 2020 وحصل عل موافقة كل من البرلمان والمجلس فى 20 سبتمبر 2023 الى التصديق البرلمانى عليه مؤخرا ، الاتفاق دخل حيز التنفيذ فى 11 يونيو 2024 ويبدأ تطبيقه فى يونيو 2026.
2-الاتفاق عبارة عن مجموعة من القواعد الجديدة لادارة موضوعات الهجرة و وضع منظومة لجوء مشتركة على مستوى الاتحاد. ويقوم الاتفاق على وضع مقاربة شاملة لدعم وادماج سياسات الاتحاد حول الهجرة واللجوء وادارة الحدود والتكامل ويستند على اربعة دعئم رئيسية هى حدود خارجية امنة، اجراءات سريعة وفعالة، منظومة فعالة للتضامن والمسؤولية، تضمين الهجرة فى الشراكات الدولية.
[1] -Case C‑406/22,REQUEST for preliminary ruling under Article 267 TFEU from the Krajský soud v Brně (Regional Court, Brno, Czech Republic), made by decision of 20 June 2022, received at the Court on 20 June 2022.
[2] - Directive 2013/32/EU of the European Parliament and of the Council of 26 June 2013 on common procedures for granting and withdrawing international protection.